قال الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي، إمام الدعاة، رحمه الله، في حديثه عن الحياة والموت، إن الله -عز وجل- قد أخبر عباده في كتابه الكريم بأن الحياة الدنيا ليست هي الغاية الأبدية، بل إن الحياة والموت هما آيتان من آيات الله. وقد ذكر في قوله تعالى: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ»، حيث يعبر ذلك عن حقيقة أن الحياة مجرد اختبار للإنسان، وأن الموت هو النهاية الطبيعية لكل مخلوق.
وأضاف الإمام الشعراوي في لقاء له، أنه يجب على الإنسان أن يتذكر الموت كجزء من الحياة، فلا يعيش حياته وكأنها غاية بحد ذاتها، بل لابد من التأمل في هذا الأمر. وقال إن "إذا كان الموت غاية، فإن الفراق ليس بالأمر السهل على أهله، إلا أن من مات وهو رجل صالح قد ذهب إلى خير مما تركه، فيعد الحزن عليه نوعاً من الأنانية وليس من الحب الحقيقي للمتوفى." أما إذا كان المتوفي غير صالح، فإن الحزن يكون واجباً على أهله، في ظل قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ»، حيث يبين أن فقدان هذا الشخص يعني أنه قد حُرم من ثواب الآخرة.
الفرق بين ابتلاء الرضا وابتلاء الغضب
كما فرق الإمام الشعراوي بين "ابتلاء الرضا" و"ابتلاء الغضب"، موضحًا أن ابتلاء الرضا يتم مواجهته بالصبر والقبول بحكم الله، في حين أن ابتلاء الغضب يقابله جزع وعدم رضا، ويعد هذا من علامات العقوبة. وفي ابتلاء الرضا يكون الصبر جميلًا دون شكوى أو جزع، ويعد تكفيرًا للذنوب ورفعًا للدرجات. أما ابتلاء الغضب، فيُظهر علامات على فقدان الصبر ورفض قضائه سبحانه وتعالى.
دعاء الصبر على الموت
وفي ختام حديثه، ذكر الإمام الشعراوي دعاءً للمصابين في فقدان الأحبة، حيث يقول:
"يا ربّ إنّ الموت حقّ والساعة حق والجنة حق والنار حق، والموت قضاءٌ من عندك وقدر ونحن عبيدك وميّتنا عبدك ابن عبدك.
اللهم برحمتك التي وسعت كلّ شيء، اجعلنا من الصابرين، وارحم ميتنا واغفر له.
اللهم أنت الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد، فارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنّك خلقت الموت والحياة لتبتلينا أيّنا أحسن عملًا، وجعلت الموت آيةً للناس فكلّ خلقك راجعٌ إليك، اللهم فقدنا أخًا عزيزًا غاليًا على قلوبنا، ونحن نشهد أنّه كان يشهد أنّك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمدًا عبدك ورسولك، اللهم فاغفر له وارحمه، وألهمنا الصبر والسلوان."
هذه الكلمات تعكس عمق التفكر في الحياة والموت وكيفية التعامل مع الفقد، وضرورة الصبر والرضا بما يقدره الله.