يُعد الصيام من العبادات العظيمة التي تهدف إلى تهذيب النفس وتقوية الإرادة، إلا أن هناك العديد من الأسئلة التي تراود الصائمين حول الأمور التي قد تؤثر على صحة صيامهم. ومن بين هذه التساؤلات، حكم ابتلاع بقايا الطعام العالقة في الفم أثناء الصيام.
ابتلاع بقايا الطعام وتأثيره على الصيام
أكد الدكتور عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن ابتلاع الصائم لبقايا الطعام العالقة بين أسنانه دون عمد لا يُفسد صيامه، طالما أنه لم يتعمد ذلك. وأوضح أن الشخص الصائم إذا وجد في فمه بقايا طعام عند الاستيقاظ أو خلال النهار، فينبغي عليه لفظها والتخلص منها، حتى لا يُعرض صيامه للخطر.
أما إذا ابتلع الصائم هذه البقايا عن عمد وهو على علم بالحكم الشرعي، فإن صيامه يكون فاسدًا وعليه القضاء. أما إذا كان غير متعمد أو جاهلًا بالحكم، فلا يؤثر ذلك على صحة صيامه.
المضمضة أثناء الصيام وحكم آثار الطعام في الفم
أوضح الدكتور عثمان أن ما يوجد في الفم من بقايا الطعام أو اللحم لا يُبطل الصلاة أو الصيام، سواء بقي في الفم أو تم إخراجه، ولكن لا يجوز للصائم ابتلاعه عمدًا.
ونصح بضرورة تنظيف الأسنان جيدًا بعد تناول الطعام، سواء باستخدام السواك أو الفرشاة والمعجون، حتى لا تبقى أي آثار قد تُسبب شكوكًا أثناء الصيام.
الصيام وسلوك المسلم في رمضان
من جانبه، أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الصيام لا يقتصر فقط على الامتناع عن الطعام والشراب، بل هو وسيلة لتدريب النفس على الابتعاد عن المعاصي وتقويم الأخلاق.
واستشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، مشيرًا إلى أن الكذب وشهادة الزور يضيعان ثواب الصيام.
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيضًا: «الصوم جنة ما لم يخرقها بكذب أو غيبة»، وهو ما يدل على أن الغيبة والنميمة من الأمور التي تُذهب بركة الصيام، وينبغي على الصائم الحذر منها حتى لا يكون صيامه بلا فائدة.
رمضان فرصة لتهذيب النفس
يُعد شهر رمضان فرصة عظيمة للمسلمين لتهذيب أنفسهم، وتعزيز علاقتهم بالله سبحانه وتعالى، والابتعاد عن المحرمات. فكما أن الامتناع عن الطعام والشراب يُعلم الإنسان الصبر، فإن الابتعاد عن الكذب والغيبة والنميمة يُرسخ في النفس قيم الأمانة والصدق والاحترام.
لذلك، يجب على المسلم أن يحرص على الالتزام بآداب الصيام، ليس فقط من خلال الامتناع عن المفطرات، ولكن أيضًا من خلال التحكم في أقواله وأفعاله، والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، حتى يكون رمضان محطة روحية حقيقية تعينه على تحسين سلوكه طوال العام.