ترك لنا رسول الله ﷺ منهاجًا واضحًا ومُحَجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يضل عنها إلا من أراد الهلاك. وقد كان من أهم وصاياه ﷺ الحرص على الطيبات، وتحري الحلال في مأكلنا ومشربنا، محذرًا من أكل الحرام لما له من آثار وخيمة على حياة الإنسان، سواء في دنياه أو آخرته.
خطورة أكل الحرام على الإنسان
أوصى النبي ﷺ المؤمنين بالابتعاد عن الحرام، مبينًا أن من كان مصدر طعامه وشرابه ولباسه من الحرام، فإنه يُحرم من قبول الدعاء. كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال رسول الله ﷺ:
"إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟"
أثر الكسب الحلال
- يغفر الله باللقمة الحلال: أكل الحلال يفتح أبواب المغفرة ويجلب البركة في الرزق.
- العبادة والكسب الحلال: قال رسول الله ﷺ: "العبادة عشرة أجزاء، تسعة منها في طلب الحلال وجزء في سائر الأمور". وهذا يوضح أهمية السعي في طلب الكسب الحلال كجزء من العبادة.
تحذير من أكل أموال الناس بالباطل
الله سبحانه وتعالى نهانا عن أكل أموال الناس بالباطل، كما قال في سورة البقرة: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ". وأكد النبي ﷺ أن من يقتطع من مال أخيه ولو كان شيئًا بسيطًا، سيحاسب عليه يوم القيامة، حيث قال ﷺ:
"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه.. وعن علمه فيم عمل به.. وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه.. وعن جسمه فيم أبلاه."
لماذا يشعر البعض بالابتلاء رغم قربهم من الله؟
قد يتساءل البعض: إذا كنت قريبًا من الله، فلماذا أُبتلى؟
- الابتلاء اختبار للصبر والإيمان: أحيانًا يُبتلى المؤمن لتُرفع درجاته أو يُكفر عن ذنوبه.
- فحص مصادر الكسب: إذا كان مصدر المال أو الطعام غير طيب، قد يكون الابتلاء تذكيرًا بأهمية تحري الحلال.
الخلاصة
الحرص على الكسب الحلال أمر عظيم الأهمية في الإسلام. فهو لا ينعكس فقط على قبول الدعاء، بل يمتد ليؤثر على البركة في الرزق والحياة كلها. على المسلم أن يتحرى الطيبات، ويبتعد عن الحرام بكل صوره، ليضمن رضا الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة.